أخبار اليوم

بعد وفـ.ـاته بأكثر من قـ.ـرن.. الأمير عبد القادر ينتصر لبلاده مرة أخرى

بعد وفـ.ـاته بأكثر من قـ.ـرن.. الأمير عبد القادر ينتصر لبلاده مرة أخرى

أخبار اليوم

فريق المتابعة والتحرير

تبقى الإسـ.ـاءة إلى الرموز الوطنية والتطاول عليها مما يحاسـ.ـب عليها القانون في شتى الدول، إذ إن هذه الرموز هي فخر البلاد ومرجعية الأجيال على مر التاريخ.

وتؤصل هذه الرموز تاريخ الأمة وقوميتها وبطولاتهاـ ويستحـ.ـيل أن تجد أمة لا تضفي احتراما لرموزها الوطنية وإلا لأصبحت منالا من العـ.ـدو قبل الصديق.

وبينما تعتبر الجزائر الأمير عبد القادر رمزا من رموزها وقائد حملة المقـ.ـاومة ضـ.ـد الاستعـ.ـمار الجزائري ومؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، تعتبره فرنسا خارجا عن القانون ومـ.ـارقا فقد سـ.ـجنته بهذه التهـ.ـم سابقا.

وما زال هذه الجدل قائما في الجزائر بين القوميين الجزائريين والميالين للفرنسة ورمـ.ـي البلاد في حضن المستـ.ـعمر القديم.

وفي هذا الصدد أودعت السلطات الجزائرية، مساء البارحة الأحد 28 يونيو/حزيران 2021، البرلماني السابق، نور الدين آيت حمودة، الحـ.ـبس المؤقت على خلفية تصريحات له أثـ.ـارت غـ.ـضباً واسعاً في الجزائر واعتبرت “مسـ.ـيئة” إلى الأمير عبد القادر، الذي يعتبر مؤسس الدولة وأحد رموزها التاريخية.

وسائل إعلام محلية قالت إن قاضي التحقيق بمحكمة سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة أمر بإيداع آيت حمودة السـ.ـجن، بعد توجيه إليه العديد من التـ.ـهم على خلفية تصريحاته، منها المساس برموز الدولة والثـ.ـورة، والمساس بالوحدة الوطنية، والتحـ.ـريض على الكـ.ـراهية.

ويأتي هذا بعد أن اعتقـ.ـلت الشرطة الجزائرية، السبت، آيت حمودة بولاية بجاية الساحلية بمنطقة القبائل (وسط)، عقب مشاركته في نقاش حول تصريحاته الأخيرة بشأن الأمير عبد القادر الجزائري (1808 ـ 1883).

البرلماني الجزائري نور الدين آيت حمودة

وبتاريخ 18 يونيو/حزيران، استضافت قناة آيت حمودة في برنامج نقاشي اتهـ.ـم خلاله الأمير عبد القادر، أحد قادة المقـ.ـاومة الشعبية ضـ.ـد الاستعـ.ـمار (1830 ـ 1962) بـ”الخـ.ـيانة والاستسلام للجـ.ـيش الفرنسي”.

والإثنين الماضي، قررت السلطات تعليق بث فضائية “الحياة” الخاصة لمدة أسبوع ابتداء من الأربعاء 23 يونيو/حزيران الجاري، بعد بثها لقاء مع آيت حمودة، يشكك في نزاهة المجـ.ـاهدين (قدمـ.ـاء المحـ.ـاربين ضـ.ـد الاستعـ.ـمار الفرنسي).

وأحدثت هذه التصريحات ضـ.ـجة وغـ.ـضباً واسعين داخل البلاد، فيما أعلنت عائلة الأمير عبد القادر مقاضاة آيت حمودة، وإدارة القناة بتهـ.ـمة “إهـ.ـانة” رمز تاريخي.

وردت إدارة القناة، في بيان، بأن ما قيل في البرنامج التلفزيوني لا يعبر عن خطها، ولا يلزم سوى صاحبه، أي البرلماني السابق آيت حمودة.

والأمير عبد القادر بن محيي الدين المعروف بـ”عبدالقادر الجزائري”، يوصف بمؤسس الدولة الجزائرية، وهو كاتب وشاعر وفيلسوف وسياسي ومحـ.ـارب ضـ.ـد القـ.ـوات الفرنسية الاستعمارية آنذاك.

وفي عام 1847 تعرض للسـ.ـجن في فرنسا، وظل أسـ.ـيراً حتى عام 1852، ثم استقر في مدينة إسطنبول التركية، ومن بعدها في دمشق حتى وفـ.ـاته عام 1883 عن عمر ناهز 76 عاماً، وفي عام 1965 نُقل جثـ.ـمانه إلى الجزائر ودُفـ.ـن في مقـ.ـبرة بالعاصمة.

اقرأ أيضا: طـ.ـردَ بن بلة أحفادَه وأعاد بومدين رفـ.ـاته للجزائر.. الأمير عبد القادر قصة مجـ.ـاهد حـ.ـارب فرنسا ودُفـ.ـن منـ.ـفياً في دمشق

يعدّ الأمير عبد القادر الجزائري من قلائل الشخصيات التاريخية في الجزائر التي تنال الإجماع والحب والاحترام، فهو أول من قـ.ـاوم الاستعـ.ـمار الفرنسي، ومقـ.ـاومته تعدّ الأطول زمنياً (15 سنة) كما كان أول من وضع أُسس الدولة الجزائرية الحديثة المعروفة الآن.

وُلد الأمير عبد القادر في 6 سبتمبر/أيلول عام 1807 بالقرب من مدينة معسكر غربي الجزائر، وتنتسب عائلته إلى الأدارسة الذين يمتد نسبهم للنبي محمد، وكانوا حكاماً في المغرب العربي والأندلس، وكان والده محيي الدين شيخاً للطريقة القادرية الصوفية في الجزائر.

بايع الجزائريون عبد القادر الجزائري أميراً للجـ.ـهاد ضـ.ـدّ الاستعـ.ـمار الفرنسي سنة 1832 الذي كان قد احتـ.ـل العاصمة سنة 1830، ووقّع مع الحاكم العثماني الداي حسين معاهدة استسلام مقابل حياته وحياة حاشيته.

تخطيط بومدين

طـ.ـرد الرئيس أحمد بن بلة سنة 1962 أكبر أحفاد الأمير عبد القادر الأمير سعيد من الجزائر دون إبداء أسباب، ويبدو أن بن بلة الذي وصل إلى السلطة حديثاً بالقوة كان يخـ.ـشى أن ينـ.ـازعه أحفاد الأمير على السلطة لما يملكونه من شـ.ـرعية شعبية وتاريخية، فجدهم هو المؤسس الأول للدولة الجزائرية الحديثة.

غادر الأمير سعيد باتجاه سوريا دون أن يثـ.ـير ضجة، لكنه كان ينوي العودة إلى الجزائر في أقرب فرصة تتاح له، وفي سنة 1964 زار قائد أركـ.ـان الجيش وقتها هواري بومدين سوريا زيارة رسمية في إطار التعاون العسكري بين البلدين.

وعرّج في سـ.ـرية تامة إلى بيت الأمير سعيد، إذ أبدى له عدم رضاه عن تصرف بن بلة تجاهه، قائلاً له: “سنلتقي قريباً في الجزائر”، حسب ما كشفت عنه الأميرة منيرة الحسني الجزائري لـ”جريدة الشروق” الجزائرية سنة 2014.

وقبل مغادرة بومدين دمشق زار قبـ.ـر الأمير عبد القادر برفقة حفيده الأمير محمد الفاتح، ووقف عنده وقال: “نَم في مرقـ.ـدك الأخير أيها الأمير هانئ البال قرير العين، لقد تحقّقت أمنيتك التي حـ.ـاربت من أجلها 17 عاماً، عن طريق أحفادك أبطال جيش التحرير”.

ويروي الأمير محمد الفاتح لحظات الوقوف عند القـ.ـبر أن بومدين بعد مقولته تلك قرأ الفاتحة وبكى، ثم ربض على كتفه وقال له: “أنتم أهل مُعسكر أحفاد الأمير”، فرد عليه الفاتح: “أنتم الرجال الذين حررتم البلاد”.

ولم تمر سوى سنة واحدة حتى انقـ.ـلب بومدين على بن بلة واستولى على الحكم، ثم رتب كل الإجراءات لنقل رفـ.ـات الأمير عبد القادر إلى الجزائر بمناسبة الذكرى الرابعة للاستقلال.

قصة الأمير عبد القادر

أوكل بومدين مهمة إقناع عائلة الأمير عبد القادر بنقل رفـ.ـاته إلى الجزائر ليدفـ.ـن بها إلى يده اليمنى وثقته ووزير خارجيته عبد العزيز بوتفليقة، هذا الأخير الذي طار نحو دمشق رفقة وفد يتكوّن من أربعة وزراء مهمين، وجمع أحفاد الأمير وعرض عليهم نقل الرفـ.ـات قائلاً: “بومدين يريد منكم السماح لنا بنقل رفـ.ـاة الأمير إلى الجزائر”.

رفض الأمير كاظم وكذلك حسن نقل الرفـ.ـات إلى الجزائر بينما وافق الأمير سعيد وانقسم الأحفاد الصغار كذلك حول الأمر.

لجأ الأمير سعيد إلى شيوخ دمشق وطلب منهم الحكم الشـ.ـرعي في كلمة كان قد قالها الأمير بعد نفـ.ـيه: “سأعود إلى الجزائر حاملاً أو محمولاً”، وكان يقصد بها حاملاً السـ.ـيف أو محمولاً في النعـ.ــش، وهي العبارة التي سمحت من منطلق ديني للشيوخ بقبول الفكرة وتدارسوا بينهم استخراج فتـ.ـوى خاصة لنقل الرفـ.ـات.

وبعدها لم يجد الأمير سعيد صعوبة في إقناع بقية الأحفاد، فهو عميد العائلة ولمّا تمكّن من إقناع الشيوخ، لم يعد للأحفاد سبب لمعـ.ـارضة ذلك المطلب، رغم أنهم لم يكونوا مقتنعين بالفكرة.

بعدها بأيام بدأت التحضيرات على قدم وساق لنقل الرفـ.ـات إلى الجزائر بمناسبة الذكرى الرابعة لاستقلال البلاد في 5 يوليو/تموز 1966.

رحلة العودة

تقول الأميرة منيرة الحسني الجزائري حفيدة الأمير عبد القادر إن من فتح قـ.ـبر جدها كانوا خمسة أشخاص، وهم الحفيد الأمير محمد الفاتح وميلود قاسم نايت بلقاسم وزير الشؤون الدينية والتعليم الأصلي، ووزير الخارجية عبدالعزيز بوتفليقة، وحفـ.ـار القـ.ـبور.

وتروي الأميرة أن حفـ.ـار القبـ.ـور أغـ.ـمي عليه؛ لأنه وجد لحية الأمير عبد القادر ما زالت كما كانت في الأصل، وكأن صاحبها حي يُرزق.

وتضيف منيرة أن من شهدوا فتح القـ.ـبر أقسموا أنهم اشتموا رائحة مسك وعنبر عند فتحهم القـ.ـبر، كما أن وجهه كان لا يزال مكسواً باللحم، أما قفصه الصدري فتهاوت عظامه حينما لامسها الهواء لأول مرة منذ أكثر من ثمانين سنة.

وبعد إتمام إجراءات استخراج الرفـ.ـات اجتمع أعيان دمشق وأهلها لتوديع الأمير توديعاً رسمياً وشعبياً، رغم أنهم كانوا رافضين فكرة التخلي عن الرجل الذي أخمد فتـ.ـنة طائـ.ـفية في بلدهم كانت ستأكل الأخضر واليابس.

وفي يوم 5 يوليو/تموز 1966 حطّت طائرة عست.ـكرية بالجزائر العاصمة أمام حشود كبيرة جاءت من مختلف أرجاء الوطن لحضور مراسم تشييع رفـ.ـات أميرهم ومؤسس دولتهم، وبعد الاحتفالات تم دفـ.ـن الرفـ.ـات في مقـ.ـبرة العالية في مراسم رسمية.

سـ.ـيف الأمير

تقول الأميرة منيرة إن السلطات الجزائرية استقبلهم أحسن استقبال وأغدقت على العائلة ومنحتهم فيلا في قلب العاصمة ما زالت ملك العائلة لحد الآن، مضيفةً أنه بعد دفـ.ـن رفـ.ـات جدها في مقـ.ـبرة العالية، كانت الزيارات لا تنقطع عن بيتهم، فلم يبقَ مسؤول في الدولة وقتها لم يزُرهم.

وتروي الأميرة أنه بعد أن سلَّم الأمير سعيد سـ.ـيف الأمير عبد القادر للدولة الجزائرية، انقطعت زيارات المسـ.ـؤولين ولم يعد أحد يطرق أبوبهم وكأن ما عاشوه كان حلماً استيقظوا منه.

المصدر: عربي بوست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى