منوعات وطرائف

سنمـ.ـوت غـ.ـرقاً.. بمليارات الأطنان مطر بدل الثلج فوق القطب الشمالي.. ولو استمرت ساعات هذا ما سيحدث

سنمـ.ـوت غـ.ـرقاً.. بمليارات الأطنان مطر بدل الثلج فوق القطب الشمالي.. ولو استمرت ساعات هذا ما سيحدث

أخبار اليوم

فريق المتابعة

أول مرة في التاريخ شهد الغطاء الجليدي بجزيرة غرينلاند تسجيل ظاهرة فريدة لم يسبق حدوثها من قبل؛ هي تسـ.ـاقط أمطار غزيرة لعدة ساعات بدل تسـ.ـاقط الثلوج

وذلك حسبما نشرت شبكة الأخبار الأميركية (سي إن إن)، رافعة درجات الحرارة فوق التجمد في حدث نـ.ـادر للغاية؛ إذ ان الحرارة على قمة الغطاء الجليدية بالجزيرة عادة ما تكون أقل بكثير من نقطة التجمد.

وحسب الشبكة، فقد استمر هطول الأمطار لتسع ساعات متواصلة وذلك يوم 14 أغسطس (آب) الحالي.

وفي هذا الإطار، سجلت الجزيرة ارتفاعا ملحوظا بدرجات الحرارة وصل لـ18 درجة مئوية وهي أعلى من المتوسط في بعض المناطق؛ الأمر الذي تسبب بهطول كبير للأمطار على أغطية جليدية منذ أن بدأ تسجيل تلك الأحداث عام 1950 مع سقـ.ـوط ما يقدَر بسبعة مليارات طن من المياه على الجليد على مدار أكثر من ثلاثة أيام.

وفي تعليق على هذا الحدث المهم صرح تيد سكامبوس عالم الجليد في جامعة كولورادو بولدر للشبكة، قائلا “لا يمكن النظر إلى ما يحدث باعتباره عقدا أو اثنين دافئين في ظل نمط مناخ متأرجح.

ما يحدث أمر غير مسبوق، نحن نتخـ.ـطى عتبات لم نشهدها منذ آلاف السنين، وبصراحة لن يتغير هذا ما لم نعدل ما نفعله في الهواء”.

ووفق الشبكة، وصفت كمية الجليد التي فقـ.ـدت من غرينلاند بأنها ثالث أكبر كمية تفـ.قد في يوم واحد، حيث سبق وأن حصل ذلك عامي 2012 و2019.

من جانبه، ذكر عضو مكتب البرامج القطبية بمؤسسة العلوم الوطنية (وكالة حكومية بالولايات المتحدة) جينيفر ميركر، أن “أحداث المناخ التي وقـ.ـعت على مدار السنوات العشر الأخيرة ومن ضمنها ذوبان الجليد والعـ.ـواصف الشديدة والآن الأمطار، جميعها خارج نطاق ما هو طبيعي، وعلى ما يبدو ستحدث تلك الأمور مراراً”.

بدوره حـ.ـذر سكامبوس من إننا “نتخـ.ـطى عتبات لم نشهدها منذ آلاف السنين، وبصراحة لن يتغير هذا حتى نعدّل ما نفعله في الهواء”.

وسيتطلب هذا من العديد منا حول العالم العمل معا لمحـ.ـاسبة أولئك الأكثر مسـ.ـؤولية، ومساعدة بعضنا البعض على اتخاذ خيارات جماعية أفضل.

قصة السـ.ـموم التي تهـ.ـدد العالم نتيجة ذوبان الثلوج في القطب الشمالي

في عام 2012، زارت الباحثة سو ناتالي، سيبيريا للمرة الأولى، وكان الهـ.ـدف من الزيارة دراسة تأثيرات ذوبان ما يُعرف بالتربة الصقيعية، بسبب التغير المناخي.

وبالرغم من أن ناتالي اطلعت قبل الزيارة على صور للموقع عدة مرات، فإنها تفاجأت لدى رؤيتها له على الطبيعة، نظرا للتأثيرات الهائلة التي أحدثها الذوبان المتسارع للجليد في البقعة التي زارتها، إلى حد تسبب في حدوث هبوط هائل في التربة، في أكثر من مكان.

وفي لقائي مع ناتالي، الباحثة حاليا في مركزٍ بولاية ماساتشوستس الأمريكية، قالت لي إن “الأمر لا يصدق حقا، ولا أزال أشعر بالقشعـ.ـريرة كلما تذكرته.

لم أستطع تصديق حجم ما حدث؛ منحـ.ـدرات منـ.ـهارة بحجم مبان متعددة الطوابق.

خلال السير هناك، تجد جذوعاً ناتئة عن التربة، لكنها ليست جذوعا على الإطـ.ـلاق؛ بل هي عظام حيوان الماموث، أو غير ذلك من الكائنات التي عاشت في عصر البليستوسين”.

ما وصفته هذه الباحثة لي يمثل التأثيرات المرئية والدراماتيكية لظاهرة الارتفاع السريع في درجات الحرارة في منطقة القطب الشمالي.

فالتربة الصقيعية – وهي عبارة عن الأراضي المتجمدة على نحو دائم، حتى الآن على الأقل – تذوب وتكشف عن أسرارها الخفـ.ـية.

وبجانب بقايا عصر البليستوسين؛ هناك كميات هائلة من انبعاثات الكربون والميثان، وكميات الزئبق السـ.ـام، بل والأمراض التي ظهرت في حقب سـ.ـحيقة، وظلت مُختزنة في هذه التربة.

وتحتوي التربة الصقيعية – الغنية بالمواد العضوية – على ما يُقدر بـ 15 مليار طن من الكربون، وهو ما يوازي – حسبما تقول ناتالي – حوالي ضعفيْ كمية الكربون الموجود في الغلاف الجوي، وثلاثة أضعاف الكربون المختزن في الغابات.

وتشير إلى أن نسبة تتراوح ما بين 30 في المئة إلى 70 في المئة من هذا النوع من التربة قد يتآكل بحلول عام 2100، وذلك بناء على مدى فاعلية الإجراءات التي نتخذها لمواجهة التغير المناخي.

فإذا ظل الحال على ما هو عليه على صعيد استخدام الوقود الأحفوري، سنخسر 70 في المئة من تلك التربة، أما إذا قلصنا انبعاثات هذا الوقود بشكل كبير، فستصبح النسبة المُهددة 30 في المئة فقط.

وتقول ناتالي إن المساحة التي ستذوب – أيا كانت نسبتها – تحتوي على كربون حبيس داخل مواد عضوية، سيبدأ في التفتت والانطـ.ـلاق بفعل ميكروبات ستستخدمه كمصدر للطاقة وتطـ.ـلقه في صورة ثاني أكسيد الكربون أو الميثان.

وتفيد تقديرات بأن حجم عُشر الكربون المجمد، الذي قد ينبعث في صورة ثاني أكسيد الكربون، قد يتراوح ما بين 130 إلى 150 مليار طن، وهو ما يساوي المعدل الإجمالي السنوي للانبعاثات الكربونية من الولايات المتحدة، اعتبارا من الآن وحتى عام 2100.

ويعني ذلك أن ذوبان التربة الصقيعية سيضيف عمليا، ما سيكون بمثابة “دولة جديدة” تحـ.ـتل المركز الثاني على قائمة الدول الأكثر تسببا في الانبعاثات الكربونية، دون أن يكون بمقدورنا محاسبتها على ما تُحدثه من تلوث.

ورغم أن وسائل الإعلام اهتمت بانخفاض درجة الحرارة بشكل غير معتاد في مناطق بجنوب أمريكا الشمالية في شتاء 2018/2019، فإن ذلك صرف الانتباه عن أن العكس تماما كان يحدث في أقصى شمال الكرة الأرضية، في ما وراء الدائرة القطبية الشمالية.

فقد شهد يناير/كانون الثاني الماضي، وصول متوسط مساحة الجليد البحري في المنطقة القطبية الشمالية إلى 13.56 مليون كيلومتر مربع (5.24 مليون ميل مربع) وهو ما يقل بواقع نحو 860 ألف كيلومتر مربع (332 ألف ميل مربع) مما يُعرف بالمتوسط طويل الأمد لمساحة تلك البقعة، والذي ساد بين عامي 1981 و2001.

وعلاوة على ذلك، بلغت درجة الحرارة في مناطق في الدائرة القطبية الجنوبية 1.2 درجة مئوية خلال نوفمبر/تشرين الثاني، بينما يُفترض أن تكون الحرارة 25 درجة تحت الصفر في مثل هذا الوقت من العام.

وترتفع درجة الحرارة في القطب الشمالي بوتيرة تزيد في سرعتها عن ضعف الوتيرة المعتادة في باقي العالم.

وتقول إميلي أوزبورن، المسـ.ـؤولة في ما يُعرف بـ “برنامج أبحاث القطب الشمالي”، إن العالم يشهد زيادة كبير في “حجم ذوبان التربة الصقيعية”، وذلك كنتيجة مباشرة لارتفاع درجة حرارة الهواء.

وتضيف أن ذلك يقود بدوره إلى “تفـ.ـتت وانهـ.ـيار التضاريس الطبيعية” في هذه المنطقة، قائلة إن “الأمور تتغير هناك بسرعة بالغة، وبطرق لم يكن يتوقعها الباحثون قط”.

وتتولى أوزبورن مسـ.ـؤولية إعداد تقرير سنوي عن أوضاع البيئة في القطب الشمالي، وفي عام 2017، صدر التقرير بعنوان “لا مؤشرات على أن القطب الشمالي سيصبح من جديد منطقة متجمدة بشكل موثوق فيه”.

وتناولت ورقة بحثية شاركت في إعدادها هانا كريستيانسين، باحثة بإحدى الجامعات النرويجية، درجة حرارة التربة الصقيعية على عمق 20 مترا، أي بعيدا بما يكفي عن التأثر بالتغيرات الموسمية قصيرة المدى.

وكشفت الدراسة عن أن درجات الحرارة زادت عند هذا العمق بواقع 0.7 درجة مئوية منذ عام 2000.

وقالت كريستيانسين إن “درجات الحرارة تزيد بداخل التربة الصقيعية بسرعة عالية نسبيا.

وهو ما يؤدي بالطبع إلى إمكانية أن يُطـ.ـلق العنان لما كان مُجمدا فيها – كما يُفترض – على نحو دائم”.

وأشارت كريستيانسين إلى أن درجة الحرارة في أرخبيل سفالبارد النرويجي ظلت – مثلا – أعلى من الصفر المئوي طيلة أيام شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وذلك للمرة الأولى منذ بدء تسجيل درجات الحرارة هناك عام 1898.

وأضافت أن أمطارا غزيرة هطلت بعد ذلك بدلا من التسـ.ـاقط المعتاد للثلوج، مما أدى لحدوث انهـ.ـيارات طينية، وأجـ.ـبر السلـ.ـطات على إجلاء السكان من بعض المناطق.

وتثـ.ـير الوتيرة المتسارعة للتغيرات التي تشهدها التربة الصقيعية في أمريكا الشمالية قلـ.ـقا مماثلا لذاك الذي تُحدثه مثيلاتها الحالية في القطب الشمالي.

فبحسب سو ناتالي – التي انتقل عملها البحثي من سيبيريا إلى ألاسكا – يمكن للمرء “في المناطق القطبية بولاية ألاسكا، أن يطير فوق أراضٍ أشبه بالجبن السويسري بسبب الحفر القائمة فيها والناجمة عن وجود مناطق من اليابسة والبحيرات، تشكلت بفعل الانهـ.ـيارات الأرضية”.

وتشير إلى أن “المياه التي كانت قريبة من سطح الأرض أصبحت بـ.ـركاً الآن”.

وتشهد الكثير من هذه البرك فـ.ـورانا بفعل وجود الميثان، وذلك بعدما وجدت الميكروبات فجأة نفسها أمام وليمة شهية من المواد العضوية التي كانت مُختزنة بداخل الجليد منذ أمد بعيد.

ويؤدي تغذي الميكروبات على تلك المواد إلى إطـ.ـلاق غاز الميثان كمنتج ثانوي.

وأشارت ناتالي إلى أنه كان بوسعها في كثير من الأحيان السير عبر البحيرات نظرا لضـ.ـحالة عمقها، قائلة إن المرء يجد نفسه وكأنه “في حوض استحمام ساخن في بعض المناطق، إذ أن هناك الكثير من الفقاعات” الناجمة عن وجود الميثان.

لكن هل هناك بعض الإيجابيات التي تنجم عن ذوبان جليد القطب الشمالي؟ فهل من الممكن – مثلا – أن يشهد قطبٌ شماليٌ أكثر اخضرارا بدء نمو أشجار ونباتات، مما يؤدي لامتصاص قدر أكبر من الكربون، ويوفر مناطق رعي جديدة للحيوانات؟

رغم أن الباحثة أوزبورن تتفق مع الرأي القائل بأن “القطب الشمالي يصبح أخضر بشكل أكبر”، فإنها تقول إن الدراسات تفيد بأن “ارتفاع درجات الحرارة يزيد كذلك من انتشار الفيـ.ـروسات والأمراض” بين الحيوانات التي اعتادت العيش في درجات حرارة منخفضة.

وتشير سو ناتالي إلى أن الكثير من مناطق القطب الشمالي تشهد ظاهرة يمكن أن تُعرف باسم “ارتفاع درجة حرارة السهول الجرداء”، ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة في إطارها إلى تبخر المياه السطحية في الهواء، مما يقود إلى انقـ.ـراض هذه النباتات تدريجيا.

في الوقت نفسه، تشهد مناطق أخرى في القطب فيضانات مفاجئة بسبب الانهـ.ـيارات الأرضية، وتقول ناتالي: “إن ذلك لن يحدث عام 2100 أو 2050 بل يجري الآن”.

لكن ناتالي لم تشأ أن ينتهي حوارنا بحديث ذي طابع سلبي أو متشائم، إذ قالت إن هناك الكثير مما يمكن للإنسان فعله على هذا الصعيد، وأن تلك التوقعات الكئيبة لمصير القطب الشمالي ليست قدرا مقدورا.

وتشير إلى أن “التحركات التي يقوم بها المجتمع الدولي سيكون لها تأثير كبير على قدر الكربون الذي ينبعث من هذه المنطقة، وحجم التربة الصقيعية التي ستذوب فيها”.

وتضيف: “نحتاج للحفاظ على أكبر مساحة ممكنة من هذه التربة مُجمدة بقدر ما نستطيع، ولدينا بعض السيـ.ـطرة على ذلك.

فلا ينبغي أن تبقى الانبعاثات الغازية على وضعها الحالي”، فمنطقة القطب الشمالي تعتمد على ذلك، ونحن نعتمد بدورنا عليها.

وكالات

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. تنبيه: top university Egypt

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى