أخبار اليوم

رسالة من رقم غريب على واتساب: “في إلك أمانة عنا” دون مزيد من التفاصيل.. بعدها تحدث المفاجاة.. القصة كاملة

رسالة من رقم غريب على واتساب: “في إلك أمانة عنا” دون مزيد من التفاصيل.. بعدها تحدث المفاجاة.. القصة كاملة

أخبار اليوم

متابعة وتحرير

يلتقي الطرفان في شارع عام ، يسيران معا في حيطة وحذر، ليخرج المرسل كيسا أسود ملفوفا ويطلب من المستلم أن يفتح حقيبته ليضع الكيس الأسود بداخلها بسرعة، ومن بعدها يفترق الشخصان في رمشة عين.

هكذا يستلم كثير من السوريين الأموال التي حولها لهم ذووهم بالخارج عبر السوق السوداء. وتتميز هذه العملية بسرية تامة ومحاولات للتخفي عن أنظار السلطات السورية؛ تفاديا للسجن والعقوبات المفروضة على المتعاملين بتحويل الأموال في السوق السوداء.

لكن الخطورة في هذه العملية لا تكمن فيما يمكن أن تجلبه من عقوبات في داخل سوريا فقط، فالسوريون في الخارج معرضون أيضا للملاحقة القانونية إذا ما ضبطوا وهم يحولون الأموال بهذه الطريقة… فكيف يلتف السوريون حول العقوبات الدولية والرقابة الحكومية والإجراءات المشددة التي تكتنف عملية تحويل الأموال هذه؟

الأزمة الاقتصادية
عشر سنوات من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، جرفت الاقتصاد السوري إلى الحضيض، كما تأزمت الأوضاع المعيشية بعد سنوات من الحرب التي دمرت البنى التحتية وخلفت البلاد في حالة يرثى لها.

وقد تدهورت القدرة الشرائية لمعظم السوريين تحت وطأة الارتفاع المتسارع في معدلات التضخم والتدهور في سعر تصريف الليرة السورية التي وقفت عاجزة أمام الدولار وأسعار البضائع المختلفة.

غالبية السوريين تعتمد على الحوالات المالية التي يرسلها ذووهم بالخارج إلى البلد الأم المتعثر اقتصاديا. وأصبحت مكاتب الصرافة المكتظة والطوابير الطويلة على أبوابها، مشهدا متكررا في كافة مناطق سوريا. فهذه الحوالات المالية هي السبيل الوحيد للحياة بالنسبة لكثيرين.

وقال أحد المصطفين على أبواب مكاتب الصرافة في دمشق لبي بي سي، “إن الحوالات المالية هذه هي التي تعيل الناس اليوم، ومن ليس لديه قريب في الخارج يساعده ماديا يشحذ الملح”. بينما أشار شخص آخر إلى أن عمله بدوامين مختلفين ليلا ونهارا لا يكفيان لسداد حاجته ومتطلبات أسرته وأطفاله.

وفقا للمكتب المركزي للإحصاء في سوريا، ارتفعت نسبة التضخم خلال سنة 2020 وحدها، نحو 200٪ مقارنة بعام 2019؛ مما ضيق الخناق على الشعب السوري الذي يقبض راتبه بالليرة السورية المتدهورة بينما يشتري البضائع من الأسواق تبعا لسعر تصريف الدولار.

وقبل عام 2011، كان سعر الدولار الأمريكي يساوي نحو 50 ليرة سورية فقط. بينما يساوي الدولار اليوم نحو 2500 ليرة سورية بحسب سعر الصرف الرسمي للبنك المركزي . أما في السوق السوداء فيساوي الدولار الواحد نحو 3500 ليرة سورية.

لماذا السوق السوداء؟

syrian currency

الاختلاف الواضح في سعر صرف الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء هو أحد أهم الأسباب التي تدفع السوريين إلى إرسال الحوالات المالية لذويهم بطرق غير رسمية.

فالسوريون بالداخل يستلمون الأموال بالليرة السورية مقابل المبلغ الذي يتم تحويله بالدولار من الخارج، ولهذا يلجأ السوريون إلى السوق السوداء التي تضمن تحويلها بسعر صرف الدولار بالسوق السوداء؛ تفاديا لأي خسارة.

ووفقا لعبدالله وهو اسم مستعار لأحد العاملين بتحويل الأموال إلى سوريا عبر السوق السوداء من بريطانيا، فإن عملية التحويل بهذه الطريقة ليست سهلة كما يتخيل بعضهم.

يقول عبدالله إن “الأمر يتم عبر شبكة كبيرة من الأشخاص؛ تضم نحو 50 شخصا في مختلف بلدان العالم وهناك رأس للمجموعة يتم التواصل والتنظيم بين الجميع من خلاله.

كما يتم التواصل عبر تطبيق واتساب حصرا لأنه مشفر وتصعب مراقبته”. وعندما تتجمع الأموال هنا في بريطانيا مثلا أو أي بلد آخر، تخرج عن طريق التجار.

“فعندما يأتي التاجر إلى بلد ما لشراء بضاعة أو شحنة، لا يضطر لإحضار الأموال معه والتعرض لأي مساءلة قانونية من السلطات؛ حيث نسلمه نحن هنا الأموال التي تجمعت لدينا من حوالات الناس بالجنيه الإسترليني، ليشتري بضائعه، ويزودنا هو بالمال في سوريا مقابل ذلك”، يضيف عبدالله.

يشتري التاجر بضائعه من الخارج بلا أي عناء في حمل الأموال معه خلال السفر، ويقوم بدوره بتسليم الأموال للسوريين في الداخل بالليرة السورية بقيمة تعادل ما أرسله لهم ذويهم بالعملة البريطانية أو الدولار أو غيرها.

ويحرص التاجر على تسليم الحوالات باليد، ولكن ذلك قد يكون صعبا أحيانا عندما يوجد المستلم في مدينة لا يتوفر فيها أحد التجار أو العاملين ضمن الشبكة، فيضطر التاجر إلى تحويل الأموال من مدينة سورية إلى أخرى بالعملة السورية عبر مكاتب الصرافة الرسمية. ولكن هذه العملية محفوفة بالخطر أيضا.

وفقا لعبدالله فإن “التاجر لا يستخدم بطاقته الشخصية عند كل عملية تحويل، بل يستخدم هوية شخص مختلف كل مرة؛ حيث يعمل لديه قرابة الأربعين شخصا وتحول الأموال باسم أحدهم كل مرة حتى لا تشعر السلطات السورية بأي شيء وتلقي القبض على التاجر”.

فخلال الفترة الأخيرة شددت السلطات السورية الإجراءات وضيقت الخناق على السوق السوداء والتعاملات المالية عبره فألقت القبض على الكثير من المتعاملين بالدولار والتجار في السوق السوداء، كما أغلقت العديد من مكاتب الصرافة التي تتعامل بتحويل الأموال عبر طرق غير رسمية.

هذا التشديد دفع كثيرين للحذر والتزام السرية والتكتم خلال العملية وأخذ الحيطة من الأشخاص الذين يتعاملون معهم خوفا من أن يبلغوا السلطات الرسمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى