“كم تمنيتُ أن أمـ.ـوت”.. فضـ.ـائح المخـ.ـابرات اللبنانية في تعـ.ـذيب سوريين

“كم تمنيتُ أن أمـ.ـوت”.. فضـ.ـائح المخـ.ـابرات اللبنانية في تعـ.ـذيب سوريين
أخبار اليوم
فريق التحرير
لا يحمل كثير من اللبنانيون ذكرى جيدة في ذاكرتهم القريبة عن الوجود السوري في بلدهم، ففي ثمانينات القـ.ـرن الماضي أطلق “حافظ الأسد” والد “بشار” والذي يعتبر المؤسس الأول للدولة العلوية في سورية، أطلق يدَ ضـ.ـباطه وجنـ.ـوده في لبنان.
عملية التعـ.ـفيش التي تشهدها المدن والقرى السورية ليست جديدة على جيـ.ـش الأسد، فهذه العمليات تمت على أعين اللبنانيين الذين لم يجـ.ـرؤوا حينها حتى بالاعتـ.ـراض.
كثيرةٌ هي المـ.ـآسي والتجـ.ـاوزات التي افتـ.ـعلها ضـ.ـباط الأسد في ثمانينات القـ.ـرن الماضي بحق اللبنانيين.
المفارقة الصـ.ـعبة أن الضـ.ـحية السورية هي التي جنت ثمار الأفعال السيـ.ـئة لضـ.ـباط الأسد، فكانوا ضـ.ـحية لمرتين مرة من قبل نظـ.ـام الأسد ومرة من قبل بعض اللبنانيين الذين عاقـ.ـبوا أبرياء بجـ.ـريمة فعلها جالـ.ـدوهم.
ربما نسي اللبنانيون أنهم والشعب السوري ضحـ.ـايا لجـ.ـلاد واحـ.ـد، وبدؤوا بمعـ.ـاقبة السوريين الأبرياء على أنهم الجـ.ـلاد، بينما كان مؤيديو الأسد يعيـ.ـثون فـ.ـساداً مرة ثانية في الاقتصاد اللبناني، دون رقيب ولا حسيب.
تقرير لمنظمة العفو الدولية
تناول تقرير مطول لمنظمة العفو الدولية وضع اللاجئيين السوريين في السـ.ـجون اللبنانية، ويقول التقرير الذي حمل اسم “كم تمنيّت أن أمـ.ـوت”، أن المخـ.ـابرات اللبنانية استخدمت بعض أساليب التـ.ـعـ.ـذيب “المـ.ـروعة” التي استخدمها النـ.ـظام السوري في تعـ.ـذيب مسـ.ـاجين سوريين لديها.
وتحـ.ـدث التقرير عن تعـ.ـذيب الأطفال والنساء دون محاكمة البعض منهم ما يزال في السـ.ـجن حتى الآن.
وتتـ.ـهم المنظمة، قوى الأمن اللبنانية بارتـ.ـكاب انتهـ.ـاكات بحق لاجئين سوريين جرى اعتـ.ـقالهم خلال السنوات الماضية بتـ.ـهم “الإرهـ.ـاب” .
ومن بين الانتهـ.ـاكات اللجوء إلى “أساليب التعـ.ـذيب المـ.ـروّعة” وحـ.ـرمانهم من “المحـ.ـاكمة العادلة”.
وقالت المنظمة إنّه “في كثير من الأحيان”، جرى توقـ.ـيف السوريين “بشكّل تعـ.ـسّفي” ونقلت المنظمة أن “اللاجئين أفادوا في جميع الحالات الستّ والعشرين – ما عدا حالة واحـ.ـدة – بأنّهم تعرّضوا للتـ.ـعـ.ـذيب إما خلال الاستـ.ـجواب أو في الحـ.ـجز”.
وتضمّنت أساليب التعـ.ـذيب “ضـ.ـرباً بالعـ.ـصي المعدنية، والكبـ.ـلات الكهربائية، والأنابيب البلاستيكية”.
كما تحـ.ـدّث محتـ.ـجزون عن “عمليات تعليـ.ـقهم رأساً على عقب، أو إرغـ.ـامهم على اتخاذ أوضاع جسدية مُجـ.ـهدة لفترات مطوّلة من الوقت”.
ووجهت المنظّمة الاتهـ.ـامات بارتـ.ـكاب الانتهـ.ـاكات بشكل أساسي إلى مخـ.ـابرات الجيـ.ـش اللبناني.
واعتبرت المنظمة أن القـ.ـوى الأمنية اللبنانية استخدمت بعض “أساليب التعـ.ـذيب المـ.ـروّعة نفسها المستخدمة في أسـ.ـوأ السـ.ـجون سمعةً في سوريا”، حيث يقـ.ـبع عشرات آلاف المعتـ.ـقلين.
وأشارت المنظمة إلى أنّ اثنين من ضحـ.ـايا التعـ.ـذيب كانا في الـ15 والـ16 من العمر، كما نقلت عن أربعة رجال قولهم إنّهم “تعـ.ـرّضوا لضـ.ـرب مبّـ.ـرح لدرجة أفقـ.ـدتهم الوعي”.
ويستشهد التقرير الأممي بأقوال أحـ.ـد المعتـ.ـقلين الذين خرجوا من السـ.ـجون اللبنانية، وقال أحـ.ـد المحـ.ـتجزين، وفق التقرير، إنّه “ضـ.ـُرب على أعـ.ـضائه التنـ.ـاسلية إلى أن أُغـ.ـمي عليه”.
ووثّقت المنظمة أيضاً “إسـ.ـاءة معاملة امرأتين تعرّضتا للتحـ.ـرّش الجـ.ــنـ.ـسي والإسـ.ـاءات اللفظية في الحـ.ـجز”.
وُحرم المحتـ.ـجزون من “المحاكمة العادلة”، وفق المنظمة التي قالت إنه “في حالات عديدة، اعتمد القضاة اعتماداً شديداً على الاعتـ.ـرافات المنتـ.ـزعة تحت وطـ.ـأة التـ.ـعـ.ـذيب”.
ووثّـ.ـقت المنظمة تسع حالات “عُدّ مجرّد التعبير عن المعـ.ـارضة السياسية للحكم السوري دليلاً يبـ.ـرّر الإدا.نات بتـ.ـهم الإرهـ.ـاب”.
وأقرّ لبنان في أيلول/سبتمبر 2017 قانون منـ.ـاهضة التعـ.ـذيب.
ويقدّر لبنان عدد اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيه بحوالى 1.5 مليون لاجئ، نحو مليون منهم مسجّلون لدى مفوضية الأمم المتّحـ.ـدة لشؤون اللاجئين.
وقالت ماري فورستيي، الباحثة المعنية بحقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة العفو الدولية، “لا ريب في أنّ أفراد الجماعات المسـ.ـلّحة المسـ.ـؤولين عن انتهـ.ـاكات حقوق الإنسان يجب أن يخضـ.ـعوا للمسـ.ـاءلة على أفعالهم، لكنّ الانتهـ.ـاك الصـ.ـارخ من جانب السلطات اللبنانية (…) قد شكّل استـ.ـهـ.ـزاءً بالعدالة”.
وأضافت فورستيي: “في كل مرحلة بدءاً من التوقـ.ـيف، ومروراً بالاستـ.ـجواب والحـ.ـجز، وانتهاء بالمقـ.ـاضاة في محاكمات جائـ.ـرة، ضـ.ـربت السلطات اللبنانية عرض الحائط تماماً بالقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
هـ.ـروب من “الجـ.ـحيم”
يأمل آلاف السوريون العالقون في لبنان في الهـ.ـروب من “الجـ.ـحيم” اللبناني حيث يعـ.ـاني البلد بالأساس من ضائـ.ـقة اقتصادية أوصلته إلى حافة الانهـ.ـيار.
ويتحكم حـ.ـزب الله اللبناني ذراع الحـ.ـرس الثــ.وري الإيـ.ـراني في المنطقة بمفاصل الأمور ما يجعل الكثيرين من معـ.ـارضي الأسد في خطـ.ـر حتـ.ـمي.
يقيم مئات من السوريين في لبنان بشكل غـ.ـير قانوني لا يعرف فيهم أحـ.ـد، يمـ.ـرضون ولا يجدون الدواء ولا يملكون القدرة على الذهاب للطبيب خشـ.ـية افتــ.ضاح أمرهم، وما يزيد من سـ.ـوء الأوضاع انتشار وبـ.اء كـ.ـورونا.
تنشط في هذا المجال العيادات الطبية غيـ.ـر القانونية وكثير من المراجعيين السوريين سـ.ـاءت حالتهم الصحية بعد المراجعة، لكنهم عاجـ.ـزون عن مراجعة عيادة أخرى.
يعمل الكثير من السوريين هناك طيلة النهار مقابل الإقامة غيـ.ـر القانونية بغرفة لا تصلح حتى للحيوانات، وآخرين يعملون مقابل طعام وشراب لا يغني ولا يسمن من جوع، ويجمع كل السوريون في لبنان أن وضعهم المـ.ـزري هناك أفضل من سجـ.ـون الأسد.
ويخـ.ـشى مراقبون إنسانيون من تصاعـ.ـد حـ.ـدّة التصريحات التي توصف بـ “العنـ.ـصرية” اتجاه الوجود السوري، بحجة عـ.ـدم توفر فرص عمل في البلاد من جهة، وعصبـ.ـية الانتماء للبنان من جهة أخرى وهذه ولدتها وحشـ.ـية عصـ.ـابة الأسد اتجاه اللبنانيين ثمانينات القـ.ـرن الماضي.
جذور المشـ.ـكلة
وفي ساسة بوست كتب “عمر موسى”، نَبـ.ـش في التاريخ.. يا لثـ.ـاراتنا
تاريخيًا كانت لبنان جزءًا من سوريا حتى تمَّ الفصل بين الدولتين على يد الاحـ.ـتلال الفرنسي، وحمل هذا الإجراء فصولًا من المواجـ.ـهة اللبنانية – السورية المختلفة، تجلى أبرزها في دخول القـ.ـوّات السورية بشكل متكرر الأراضي اللبنانية حتى الفترة بين عامي 2005 و2006.
صحيح أن هذه التدخلات، كانت بناء على طلب رسمي من الحكومة اللبنانية آنذاك، إلا أن الكثير من الممارسات الشـ.ـائنة التي قام بها ضـ.ـباط وعناصر من الجـ.ـيش السوري بحق أشخاص لبنانيين وتدخلهم في شؤون الدولة عمومًا، جعلت الكثير من اللبنانيين نـ.ـاقمين على هذا الوجود والتدخل، الذي استـ.ـغله أيضًا أشخاص متنفذون في الحكومة اللبنانية لصالحهم.
بروز ظاهرة العنـ.ـصرية اللبنانية له جذور متشعبة، أحـ.ـدها ولدت من خلال تطورات العلاقة اللبنانية – السورية خلال الفترة ما بعد الاستقلال اللبناني في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1946.
وقد حكم هذه العلاقة مواقف لبنانية بمصالح مختلفة، نظرًا لتعدد الأحزاب والطوائف في لبنان، ودرجة النفوذ الخارجي فيها؛ الأمر الذي أدى إلى تأصيل هذه العنـ.ـصرية لدى اللبنانيين.
وقد انعكست هذه الأوضاع، على طبيعة العلاقة بين الشعبيْن حسبما يقول أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة كاليفورنيا اللبناني أسعد أبو خليل في مقال له، بعنوان: “لبنان والانتفـ.ـاضة في سوريا”.
حيث يرى أبو خليل أن «تعاطي الحكومة السوريّة مع الشعب اللبناني، على مرّ الأعوام الماضية، كان مُستقىً من تعاطي حكومة استبـ.ـداديّة مع شعب واقع تحت حكمها.
الفظـ.ـاظة وحتى الوحـ.ـشيّة كانتا سمة من سمات تعاطي الجـ.ـيش والاستخـ.ـبارات السوريّة في لبنان، وهي ممارسات سمّاها الرئيس السوري بشّار الأسد متأخرًا بـ “الأخطاء”.
ويضيف أبو خليل: «إلى جانب ذلك، فإن الوطنية اللبنانية، تحتوي على عنصـ.ـريّة أكيدة تتطلّع بإعجاب وتقليد إلى الرجل الأبيض (أوروبي)، وتتطلّع باحتـ.ـقار إلى العنـ.ـصر العربي.
وفي تراتبيّة الكـ.ـراهية الغزيرة في الثقافة السياسيّة والشعبيّة اللبنانيّة، احـ.ـتلّ «السوري» موقعًا دونـ.ـيّاً.
وفي الدونـ.ـيّة الاجتماعيّة يتجلى منطق العنـ.ـصريّة الطبقيّة: فالسوريّون والفلسطينيّون والأكراد والشيعة أمدّوا العائلات اللبنانيّة بالخادمات؛ ما زاد في النـ.ـزعة الدونـ.ـيّة ضـ.ـدّهم.
ويعني ذلك أن العلاقة التاريخية السورية – اللبنانية منذ نشأتها تأثرت بتراكمات حكمتها المصالح الحزبية والسياسية، أفضت إلى وضع بذرة هذه الظاهرة، التي تلقفتها الأحضان ذات التوجهات السياسية المختلفة ووظفتها في خدمة أهـ.ـدافها.