منوعات وطرائف

ذَهَبُ فلسطينَ الأخضرُ.. تعرّف عليه

ذَهَبُ فلسطينَ الأخضرُ.. تعرّف عليه

أخبار اليوم

فريق المتابعة والتحرير – منوعات

تتميز فلطسين هذه الأرض التاريخية المقدسة بما يجعلها أهلا لهذا، فهي مليئة بالخيرات والموارد التي تضمن لساكنيها حياة رخية لولا الاحتـ.ـلال الإسرائيلي لها.

لا يكاد يخلو بيت فلسطيني من الزيت والزعتر، كونهما من أساسيات الطعام التراثي، حتى المغترب يشتمَّ فيه رائحة الأرض والأمهات.

يحظى الزعتر بأهمية رمزية وثقافية عند الشعب الفلسطيني، إلى درجة أن يسمى كموروث ثقافي “الذهب الأخضر”.

وهنا يحطر ببالنا هذا السؤال: لماذا هذا التعلق العجيب بالزعتر في فلسطين وغيرها من دول البحر الأبيض المتوسط؟

الزعتر الأصلي هو الزعتر البري الذي ينمو في دول البحر الأبيض المتوسط، الغربية بالتحديد، حيث ينبت في معظم الأحيان بين شقوق الصخور حول تلال البحر الجافة القريبة من الشاطىء.

يُزرع الزعتر الآن في أغلب أنحاء العالم من خلال بذوره أو جذوره التي تُزرع في الربيع، ومن ثم تُحصد أوراقه في فصل الصيف.

ومن الصعب جداً المرور بجانب الزعتر من دون أن تأسرك رائحته النفاذة بفضل زيوته التي تميزه، كغيره من نباتات البحر الأبيض المتوسط.

ويفضل الزعتر البيئة الجافة، لذا يجب الأخذ في الاعتبار عدم ريه بشكل مبالغ فيه لئلا تتعفن جذوره، فالأفضل تعطيشه وبذلك زيوته ستُجمّع وتخزَّن في الأوراق.

أهمية الزعتر التي يعرفها أغلب الناس، تكمن في تأثيره السحري على الجهاز التنفسي ودعمه له، إلا أن تلك الفائدة ليست الوحيدة، إنه يساهم بشكلٍ عظيم في دعم وشفاء العديد من أعضاء الجسم، وهذا ما سنوضحه في السطور التالية.

مكونات الزعتر وأهميته العلاجية

يتكون الزعتر من زيوت متطايرة (ثيمول، تيربينين، وكارفاكرول)، إضافة إلى الفلافونويد وحمض الفينول، ويعتبر زيت الزعتر مطّهراً قوياً ومضاداً للبلغم وطارداً للحشرات، والثيمول على وجه التحديد مضاد للفطريات.

وبشكلٍ عام الزعتر له استعمالات كثيرة، فهو مريح للتشنجات العضلية ومضاد للأكسدة.

ويعمل الزعتر أيضاً مضادًا للأكسدة، إذ يساعد في الحفاظ على مستويات عالية من الأحماض الدهنية الضرورية في الدماغ.

ليس هذا فقط، الزعتر أيضاً يفيد في حالات قرحة المعدة، فمستخلص الزعتر يُعد مضاد بكتيري تجاه أحد أنواع البكتيريا المرتبطة بقرحة المعدة وهي H. pylori، كما يعمل أيضاً على تخفيف آلام الدورة الشهرية عند النساء.

وتقليدياً، اعتمدوا على الزعتر محفزًا ومنشطًا للجهاز المناعي، وبالتحديد في حالات المرض المزمن، سواء الفطريات أم الالتهابات المُعدية أم تلك المرتبطة بالجهاز التنفسي.

ويُوصى بشراب الزعتر أو زيته المُخفف لتشجيع بُصيلة الشعر على النمو وعلاج حالات تساقط الشعر بفركه على فروة الرأس.

ما الأجزاء المستخدمة من الزعتر؟

يتألف نبات الزعتر من أجزاء هوائية تُحصد في فصل الصيف، وتحتوي على زيت مطهر، أوراقها لها رائحة مميزة وطعم مر وبالإمكان تجفيفها أو استخدامها خضراء كما هي.

ويمكن إعداد عدة مستحضرات من الزعتر، مثلًا يُصنع من مستخلص الزعتر شرابٌ مخلوط أو مخفف بماء يُشرب دواءً لعلاج نزلات البرد بمقدار نص كأس أو ما يعادل 100 مل ثلاث مرات في اليوم.

والزيت المُرّكز منه يُستخدم في علاج حالات حب الشباب، إذ يُخلط مع 5% من المياه ومن ثم تُمسح المنطقة المصابة، ويمكن تحضير صبغة من الزعتر.

وينتبه إلى أن الزعتر يمنع استخدامه في حالات الحمل.

الزعتر في المطبخ الفلسطيني

من الأكلات الشعبية التي يستخدم فيها الزعتر “الزيت والزعتر” ويضاف إليهما زيتون أخضر وملح.

وكذلك تُحضَّر منه المناقيش، إذ يضاف الزيت إلى العجين لمنحه طراوة، ومن ثم يُضاف الزعتر المطحون والمخلوط بالزيت على وجه العجين ومن ثم خبزه.

أما المعجنات أو أقراص الزعتر التي تشتهر الأمهات الفلسطينيات فيخبزنها وتؤكل مشوية.

كيف اتخذ المحتل من الزعتر وسيلة للتنغيص على الفلسطينيين؟

في عام 1976، وقعت مجـ.ـزرة “تل الزعتر” في بيروت، وهي واحدة من أطول المجازر في تاريخ الحـ.ـرب الأهلية في لبنان، واستمرت لمدة 52 يوماً وخسر حينها سكان المخيم الكثير من الضحايا.

وبعد عام واحد من هذه المجـ.ـزرة، ولقوة ارتباط الزعتر بالهوية الفلسطينية، منعت “إسرائيل” قطف الزعتر البلدي والبري بشكلٍ قانوني على يد “أرئيل شارون” الذي كان وزيراً للزراعة في ذلك الوقت، وفي إثره صُنف الزعتر “نباتًا محميًا”، وكان مسوغهم لهذا القرار أن قطفه مضر للبيئة.

الفلسطينيون كانوا يعتمدون تمامًا على الزعتر البري، في حين أن زراعته لم تكن شائعة آنذاك، وبعد فترة سوَّق ضابط الزراعة السابق “زئيف بن حيروت” وابنه “يورام بن حيروت” الزعتر، ولاحقاً صرح الأخير في مقابلة تلفزيونية أن “الزعتر الإسرائيلي فخر قومي، ويجب أن يرتبط أمام العالم جميعاً بــ “اسرائيل”.

وكغيره من الأطعمة الشعبية الفلسطينية، حاول الإسرائيليون نسبه إلى دولتهم المغتصبة، في الوقت الذي حرموا الفلسطينيين من قطفه، بعد أن كانت موائدهم عامرة به على مر السنين.

وعلاوة على ما سبق، جرَّم الاحتلال كل من كان يقطف الزعتر، فما بين العامين 2004 و2016 سُجلت 40 قضية أحيل فيها العديد من الفلسطينيين إلى المحاكم الإسرائيلية بتهمة قطفه.

وانضم العكوب لهذه اللائحة فيما بعد، كما جرَّم قطف الميرمية أيضاً في العديد من الأحيان.

وكعادته، يحاول الظهور في صورة “الحامي للطبيعة”، ولكن ما تلبث أهدافه الحقيقية أن تتكشَّف للجميع، بقليل من التدقيق ومحاولة اكتشاف السبب من وراء هذه السياسات والقوانين العنصرية التي يُجرَّم فيها الفلسطيني وحده، بينما لا يحدث أي شيء للإسرائيلي الذي يقطف الزعتر أو شقائق النعمان أو غيرها من النباتات التي تندرج تحت مسمى “نباتات محمية”.

المصدر: آفاق البيئة والتنمية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى