هل ستفتح الحدود بين تركيا وأوروبا وتنتهي اتفاقية الهجرة؟

هل ستفتح الحدود بين تركيا وأوروبا وتنتهي اتفاقية الهجرة؟
أخبار اليوم-لجوء وغربة
فريق المتابعة والتحرير
ازدادت مخـ.ـاوف سوريين في تركيا من زيادة التشديد وتقليص المساعدات والمنح التركية، من جرّاء الخـ.ـلافات بين أنقرة وبروكسل وتلويح كلّ من الطرفَين بإعادة النظر في اتفاقية الهجرة الموقّعة بينهما في مارس/ آذار من عام 2016.
لا تنتهي الخـ.ـلافات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في ما يخصّ اتفاقية الهجرة الموقّعة بينهما قبل خمسة أعوام.
ويأتي ذلك وسط قـ.ـلق يشعر به سوريون في تركيا، إذ إنّ كلّ خـ.ـلاف يؤثّر سلباً عليهم.
ويرى هؤلاء أنّهم يدفعون بالتالي الثمن، على صعيد التنقل أو الملاحـ.ـقة أو حتى تقليص مساعدات “كرت الهلال الأحمر” وتقـ.ـييد الخدمات الصحية والتعليمية المجانية التي تقدّمها تركيا للسوريين المقيمين بصفة مؤقتة على أراضيها، وفق قانون الحماية المؤقتة الذي دخل حيّز التنفيذ في إبريل/ نيسان 2014.
وممّا فاقم مخـ.ـاوف هؤلاء السوريين، تأ زّم العلاقات بين تركيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي على خلفية ما عُرف بـ”أز مة الكرسي” قبل أيام، عندما لم تخصّص أنقرة كرسيّاً لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إلى جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في القصر الرئاسي، واكتفت بوضع كرسيّ لرئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال.
وبالتالي، توتّرت العلاقات مع دول من بينها إيطاليا التي وصف رئيس وزرائها ماريو دراغي الرئيس التركي بأنّه “دكتـ.ـاتور” فاستدعت حينها أنقرة السفير الإيطالي لديها.
من جهتها، غرّدت رئيسة الكتلة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي، إيراتشي غارسيا بيريز، على موقع “تويتر” أنّه “بداية ينسـ.ـحبون من اتفاقية إسطنبول، والآن يتركون رئيسة المفوضية الأوروبية من دون مقعد في زيارة رسمية. إنّه أمر مخـ.ـزٍ”.
وبناء على ذلك، صار يُحكى بين السوريين عن إعادة نظر في اتفاقية الهجرة، وبالتالي تقليص الدعم المالي المقدّم من أوروبا للسوريين.
ووصلت المخـ.ـاوف لدى بعضهم إلى حـ.ـدّ الإشارة إلى ترحيل سوريين بحـ.ـجة مخـ.ـالفات مرتكبة. فيعبّر السوري محمد صالح، من ولاية مرسين، عن خـ.ـوفه من وقف المساعدات، قائلاً لـ”العربي الجديد” إنّ “لديّ عجـ.ـزاً بنسبة 60 في المائة.
فقد توقفت المساعدات الشهر الماضي، لكنّ ثمّة وعوداً بأن تعود”.
ويؤكد أنّ مخـ.ـاوفه تلك تنسحب على كثيرين، “سواء ممّن يُصنّفون عاجـ.ـزين يتقاضون نحو 300 ليرة تركية (نحو 35 دولاراً أميركياً) شهرياً، أو ممّن يشملهم برنامج، صوي، الذي يمنح الأسر السورية مساعدات بنحو 120 ليرة (نحو 15 دولاراً) لكلّ فرد فيها”.
تلك المخـ.ـاوف طاولت كذلك العاملين السوريين في المؤسسات التعليمية التركية، وتؤكد المدرّسة السورية منار عبود أنّها “تزايدت اليوم على خلفية ما يقال عن خـ.ـلاف تركي أوروبي وإعادة النظر في الاتفاقية الموقعة بين الطرفين”، مشيرة لـ”العربي الجديد” إلى أنّ “تعليمات وصلت بتقـ.ـليص عدد المدرسين السوريين”.
وأضافت: “ربما يكون الشهر المقبل الأخير الذي يتقاضى في خلاله المدرسون من غير حملة الإجازات الجامعية راتبهم الشهري المقدّر بـ2020 ليرة (نحو 250 دولاراً)”.
ترى مصادر تركية مسؤولة أنّه “ليس من مصلحة الاتحاد الأوروبي الضـ.ـغط على تركيا ونسـ.ـف الاتفاقية لأنّه المستفيد”.
وتوضح المصادر نفسها لـ”العربي الجديد” أنّ “تركيا تستقبل أكثر من خمسة ملايين لاجئ، منهم 3.6 ملايين سوري، ومعظم هؤلاء يتطلعون إلى الهجرة غير القانونية إلى أوروبا، فيما تركيا تضبـ.ـطهم وتتكـ.ـبد أعـ.ـباء مالية واجتماعية من جرّاء ذلك”.
وتذكّر بتصريح الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمـ.ـنية، جوزيب بوريل، بـ”ضـ.ـرورة استمرار تنفيذ اتفاقية مارس/ آذار 2016 بشأن الهجرة مع تركيا”، وبتأكيد بوريل من بروكسل أخيراً رغبة الاتحاد الأوروبي في تجديد الاتفاقية في المستقبل.
وكان بوريل قد صرّح بأنّ اتفاقية الهجرة مع تركيا “ما زالت سارية وينبغي الاستمرار في تنفيذها”، لافتاً إلى أنّ هذه الاتفاقية تمثّل “مصلحة مشتركة” لتخفيف العـ.ـبء عليها ولمنـ.ـع الهجرة غير النـ.ـظامية وفقدان الأرواح.
ومضيفاً أنّ “الاتفاقية سوف تُناقَش ما بين دول الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، ليُعقَد بعد ذلك لقاء مع تركيا من أجل تجديدها”.
ولم يخـ.ـفِ بوريل أنّ الاتفاقية تعرّضت لانتقـ.ـادات كثيرة لكنّها أعطت نتائج ملموسة وأدّت إلى تقليل الخـ.ـسائر في الأرواح والحـ.ـدّ من العبور غير النظـ.ـامي للحـ.ـدود.
وتابع أنّها حسّنت كذلك وضع اللاجئين والمهاجرين في تركيا، والأرقام تظهر ذلك، إذ خُصّصت ستة مليارات يورو (7 مليارات و140 مليون دولار) لدعم اللاجئين، لكنّه شـ.ـدّّد على أنّ السوريين في تركيا ما زالوا في حاجة إلى المساعدة.
منـ.ـاوشات حديثة
واتهـ.ـمت تركيا مجددا خـ.ـفر السواحل اليوناني بصـ.ـد قوارب مهاجـ.ـرين في بحر إيجه، وقالت مصادر عسـ.ـكرية تركية أمس الثلاثاء أن الوحـ.ـدات التركية أنقذت 117 مهاجرا قبالة السواحل الغربية كانت اليونان “دفـ.ـعتهم بشكل غير قانوني إلى المياه التركية”.
وقد نفذ خـ.ـفر السواحل التركي عمـ.ـليتي إنقاذ مختلفتين قبالة سواحل إزمير غربي البلاد، لإغاثة 117 مه.ــاجرا على الأقل كانوا يحاولون عبور بحر إيجه، حسبما ذكرت مصادر عسـ.ـكرية أمس الثلاثاء 13/04/2021.
وكانت طائرة استطلاع تركية اكتشفت قارب المهـ.ـاجرين قبالة منطقة تشيشمي (Cesme)، وأبلغت قـ.ـوات خـ.ـفر السواحل التي وصلت إلى موقع القارب و”أنقذت 94 طالب لجوء دفعتهم وحـ.ـدات خـ.ـفر السواحل اليونانية بشكل غير قانوني إلى المياه الإقليمية التركية”، حسبما نقلت وكالة الأناضول التركية.
في حـ.ـادث آخر، أنقذ خـ.ـفر السواحل التركي 23 شخصا “دفعتهم اليونان بشكل غير قانوني إلى المياه التركية قبالة منطقة ديكيلي (Dikili)”.
وبعد عمـ.ـليات تفتـ.ـيش روتينية، نقلت السلطات المهـ.ـاجرين إلى هيئة الهجرة الإقليمية.
ويثير ملف الهجرة توتـ.ـرات بين تركيا واليونان، حيث تتـ.ـهم الأولى القـ.ـوات اليونانية بانتـ.ـهاك حقوق طالبي اللجوء ودفـ.ـع قواربهم بشكل غير شرعي في بحر إيجه، فيما ترى أثينا أن جارتها التركية تستغـ.ـل ورقة اللاجئين للضـ.ـغط على الاتحاد الأوروبي.
مطلع الشهر الجاري اتهـ.ـمت السلطات اليونانية تركيا، بمحاولات تصـ.ـعيد في بحر إيجه، بعد سلسلة “منـ.ـاورات” وصفتها اليونان بالـ”خطـ.ـيرة”، وقالت إنها تشجع المهـ.ـاجرين على التوجه إلى اليونان.
وخلال زيارتها لجزيرة ليسبوس اليونانية نهاية آذار/مارس الماضي، دعت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون السلطات التركية إلى إعادة استقبال طالبي اللجوء المرفوضين في اليونان، مشددة على أن “الاتحاد الأوروبي سيخصص 276 مليون يورو لبناء وتجديد خمسة مخيمات للمهـ.ـاجرين في الجزر اليونانية”.
الموقف التركي
بعد سنة من التـ.ـوتر وبعد طي التلويح بالعقـ.ـوبات، أراد الاتحاد الأوروبي فتح صفحة جديدة مع أنقرة متناسيا الكثير من النـ.ـزاعات والانتـ.ـهاكات التركية لمنظومة القيم التي تزعم أوروبا الدفـ.ـاع عنها.
لكن هذا الاندفـ.ـاع الأوروبي لم تتحمس له أنقرة وتفـ.ـاقمت الأمور مع الإهـ.ـانة التي تعرضت لها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (التي كانت ضمن وفد أوروبي رفيع المستوى) في السادس من أبريل في أنقرة حيث تم تخصيص مقعدين مستقلين لكل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الاتحاد الأوروبي شارل ميشال.
بينما لم يتم معاملة فون دير لاين (وزيرة الدفـ.ـاع الألمانية السابقة) بالمثل واضطرت للجلوس على أريكة جانبية بعد عدم التمكن من إخفاء ذهولها تجاه هذا التصرف الذي أطلقت عليه الصحافة الأوروبية لقب فضـ.ـيحة “كنبة غيت” (أو أريكة غيت) الذي أد انه الاتحاد الأوروبي.
أما أحد السياسيين الفرنسيين، الذي صـ.ـوب على تراخـ.ـي الاتحاد الأوروبي وضـ.ـعفه المزمن، فقد شبه ما حصل في قصر أنقرة بلوحة يمكن أن يطلق عليها اسم “الاستـ.ـسلام”.
من جهتها، ردت وزارة الخارجية التركية بتحميل الاتحاد الأوروبي مسـ.ـؤولية الإشكال البروتوكولي مؤكدة أن ترتيب المقاعد موضع الجـ.ـدل كان اقترحه الجانب الأوروبي.
ولكن ذلك لا يبدو مقنعاً وفي ما يتعدى إهـ.ـمال أو عدم تنبه موظفين، هناك ما ينم عن استهـ.ـتار تركي بالاتحاد الأوروبي ورموزه، وعدم تقدير للخطوات الإيجابية من قبل بروكسل.
قبل تسليط الضوء على الحادث البروتوكولي، يمكن القول إن أردوغان حظي بتعامل تفضيلي لم يلقه أنداده من رؤساء الدول، إذ جاءه في أنقرة وفد من أعلى القيادات ضم رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية وذلك من أجل ترتيب العلاقات الثنائية في وقت تتعرض فيه تركيا للعقـ.ـوبات الأميركية ويتعـ.ـثر اقتصادها.
تدهـ.ـورت الصلات الأوروبية – التركية وتمثل ذلك في ابتـ.ـزاز أنقرة لأوروبا في مسألتي المهـ.ـاجرين واللاجئين، وفي صـ.ـراعات النفوذ والطاقة من شرق المتوسط إلى ليبيا والقوقاز (وإرسال مرتـ.ـزقة مدعومين من أنقرة)، وتفـ.ـاقمت التناقـ.ـضات مع اتهـ.ـامات موجهة لأنقرة بالتدخل في شؤون الدول الأوروبية وسعيها لاستخدام بعدها الإسلامي ونفوذها لدى المسلمين ومنهم الأوروبيون من أصول تركية.
وأدى الموقف الفرنسي المتضامن مع اليونان وقبرص في التصـ.ـدي لطموحات أردوغان، وأدى التهـ.ـديد الأوروبي بالعقـ.ـوبات ووصول إدارة بايدن والوضع الاقتصادي التركي إلى نقلة أردوغانية تكتيكية مع خطوات تصالحية تجاه اليونان وقبرص، واستدعاء السفن التركية التي كانت تنقب عن حقول الغاز اليونانية والقبرصية في البحر المتوسط، واستئناف المحادثات المباشرة بين أثينا وأنقرة.
تبعاً لذلك اعتبر الجانب الأوروبي أنها فرصة لتمديد اتفاقية 2016 بشأن تدفقات الهجرة، وهذا يوقف الابتـ.ـزاز ويخفف من الهـ.ـواجس التي تبديها غالبية الدول الأوروبية.
هكذا أراد السبعة والعشرون استئناف علاقة سليمة مع أنقرة “الشريك المهم”، لاسيما في موضوع استضافة اللاجئين.
ويعتبر هذا الموضوع “كعب أخيل” (نقطة ضـ.ـعف) الجانب الأوروبي بالرغم من أن كل الضـ.ـجيج حول موجة 2014 – 2015 كان مضخماً خاصة أن ألمانيا البلد الأكثر استقبالاً للاجئين السوريين كانت تشـ.ـكو من نقـ.ـص ديموغرافي مقـ.ـلق.
وخلال مباحثات أنقرة عبر رئيس الاتحاد شارل ميشال عن الامتنان لتركيا على استقبال 3.6 مليون سوري، لكن أنقرة ركزت على احترام بروكسل لتعهداتها بدفع 6 مليارات يورو مقابل وقف تدفقات الهجرة واللجوء.
ومن هنا كان تمديد اتفاقية 2016 من أبرز نقاط البحث مقابل تأمين استمرار التمويل الأوروبي.
المصدر: العربي الجديد ومهاجر نيوز وأخبار اليوم
2 تعليقات