أخبار اليوم

“أملنا بشار لنكمل المشوار”.. قبيل الانتخابات.. أسـ.ـوأ ما انحـ.ـط إليه نظام الأسد (شاهد)

“أملنا بشار لنكمل المشوار”.. قبيل الانتخابات.. أسـ.ـوأ ما انحـ.ـط إليه نظام الأسد (شاهد)

أخبار اليوم

فريق التحرير والمتابعة

“أملنا بشار لنكمل المشوار” ليس شعار الحملة الانتخابية لرئيس النظام السوري بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية الحالية بوصفها ضرورة إعلامية ملحة للنظام حالياً.

بل هو شعار انتخابات “البرلمان الطفلي” التي تجري حالياً في المدارس السورية بإشراف حز ب البعث الحاكم ومنظمة طلائع البعث.

ولا تنفصل المناسبتان عن بعضهما البعض، فالانتخابات البعثية على مستوى الأطفال، ليس حدثاً جديداً بحد ذاتها، بل تعود جذورها للعام 2014 عند انتخاب أول برلمان طفلي بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية السورية حينها، في وقت كانت البلاد تعيش حـ.ـرباً شـ.ـرسة فقد فيها النظام السيطرة على مناطق واسعة.

وعملت تلك المناسبة على ترويج فكرة أن الدولة السورية بخير رغم الحـ.ـرب الكونية، ولتطمين الموالين إلى أن “التقاليد الرسمية” مستمرة في التواجد بشكل أو بآخر.

واليوم تعمل الدعاية البعثية – الأسدية على الترويج للديموقراطية المزعـ.ـومة في البلاد.

فالأطفال ينتخبون برلماناً مثلما يجب على السوريين البالغين القيام به بعد أشهر.

ويتم الحديث في وسائل الإعلام الرسمية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي عن النهضة التي تعيشها البلاد وعن أسس الديموقراطية المتوارثة في البلاد منذ عهد الرئيس السابق حافظ الأسد، والتي استمرت في عهد ابنه بشار الأسد وفشـ.ـلت القـ.ـوى الغربية الشـ.ـريرة في هز جذورها رغم نشر الفـ.ـوضى والإر.هـ.ـاب طوال عشر سنوات.

وكان حضور وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد إحدى جلسات برلمان الأطفال في طرطوس، لافتاً، في وقت تنعم فيه وزارته بصلاحيات واسعة تثير استثياء الموالين عموماً، ممن يتهـ.ـمون الوزير بتحويل سوريا إلى د.ولة إسـ.ـلامية ونشر “دو.اعـ.ـش الداخل” فيها، حسب تعبيرهم، وخصوصاً في مناطق الساحل السوري.

ويعطي وجود شخصيات دينية على هذا المستوى في الجلسات الرسمية لحز ب البعث الذي يطرح نفسه كحزب علماني، لمحة عن مدى التناقضات ضمن الأيديولوجيا البعثية الأسدية، التي تعمل على توجيه خطاب مختلف بحسب الجمهور المستهـ.ـدف منه.

ولعل هذه الازدواجية لم تعد غريبة أو مستهـ.ـجنة، طالما أن بشار الأسد نفسه قدم “فلسفته الخاصة” حول معاني العلمانية من داخل أحد مساجد دمشق، قبل أشهر، أمام حشد من رجال الدين.

والحال أن النظام السوري يخالف اتفاقية حقوق الطفل التي وقع عليها العام 1989، والتي تنص على حق الطفل بالتعلم من دون استغـ.ـلال، واحترام حرية الطفل وحقه في الحياة والنمو، حيث تظهر مقاطع الفيديو المنتشرة عن “البرلمان الطفلي” بوضوح استغـ.ـلال الأطفال لأغراض سياسية.

كما أن العملية ككل تعتبر عملية غـ.ـسيل دماغ ممنهجة يقوم به نظام الأسد بحق الأطفال السوريين منذ نعومة أظفارهم، حيث يركز على الأطفال في المرحلة الابتدائية الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات.

ويسوق هذا البرلمان لأذهاننا تلك المعلمة التي يتجلى في تصرفها أسـ.ـوأ استغـ.ـلال لحق الطفل.

حيث خاطبت المعلمة التلاميذ بالقول “نحن تحت السن القانونية لكن يحق لنا أن نبدي رأينا”، وسألت عددًا منهم من هو أمل سوريا للوصول إلى مستقبل أفضل، ليجيب الطلاب بأنه “السيد الدكتور بشار حافظ الأسد”.

وكانت قد نشرت مدرسة “علي بن أبي طالب” في طرطوس تسجيلًا مصورًا لمعلمة تتحدث عن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، كمنقذ للأوضاع في سوريا.

ويظهر التسجيل الذي نشرته المدرسة، أمس السبت 6 من آذار، بحسب صحيفة عنب بلدي وحذفته اليوم، معلمة أمام عدد من التلاميذ وحضور معلمين آخرين تتحدث عن الأسد.

وفي تفاصيل الفيديو سألت المعلمة من هو أمل سوريا بالخلاص من الاحـ.ـتلال؟ ليرد التلاميذ بالإجابة ذاتها.

وقالت المعلمة إن “الأسد خيار الشعب السوري الذي لا ترضاه حكومات العالم للسوريين”.

وأضافت أن السوريين حاربوا الإر.هـ.ـاب وأصبح في كل بيت “شهيد” واستشهدت بثلاثة تلاميذ أيتام في الصف وبنفسها وقال، “وأنا أيضًا أخت الشهيد أحمد منصور وأفتخر”.

لمشاهدة الفيديو اضغط هنا

ويدجن المعلمون التلاميذ السوريين باستخدامهم في مراحل عمرية صغيرة بنشاطات تمجد رئيس النظام السوري وتعبر عن روايته للأحداث في سوريا، خاصة عبر منظمة “طلائع البعث“.

وتابعت أن كل ذلك “من أجل تغير خيارنا”، وعادت إلى الأيتام بالسؤال “هل غيرتم خياركم؟ من هو خياركم؟”، ليرد التلاميذ بأنه الأسد.

وقالت المعلمة إن العالم يحـ.ـارب السوريين بأبشع الطرق، وسألت: كيف يحاربوننا؟ لترد إحدى التلاميذ، بلقمة عيشنا، وأخرى بـ “ليرتنا التي نحب”.

وسألت التلاميذ مرة أخرى هل تغير خيارنا وقرارنا، ليجيب التلاميذ بلا.

وغنت معهم أغنية تمجد الأسد، وقالت هذه رسالتنا للأسد، وأما رسالتنا للعدو: فليس أمامكم إلا الانسحاب.

وفي صورة مماثلة ولكن هذه المرة من قبيل النقـ.ـد اللـ.ـاذع، استطاع المخرج السوري الشاب، يمان عنتابلي، من خلال فيلمه “للعـ.ـبث يا طلائع”، الذي قام بنشره على موقع “يوتيوب”، أن يلامس مشاعر عدد كبير من السوريين، من خلال استعراض مرحلة عمرية حساسة من عمر السوريين، وهي مرحلة طلائع البعث.

إذ تفرض المدارس في سورية على الأطفال من سن السادسة إلى سن الثانية عشرة الانتساب إلى حزب البعث الحاكم في البلاد، وهو ما يجعل الأطفال في هذه المرحلة العمرية يلقبون بـ”طلائع البعث”.

تدور أحداث الفيلم ضمن قاعة في مدرسة حكومية. تتوسط القاعة سبورة، وعلى جانبيها صورتان إحداهما للأسد الأب، والأخرى للابن، لينقل عنتابلي بعدسته الطابع السياسي الرمزي في المدارس السورية، علماً أن هذا الشكل السياسي للقاعات التدريسية في سورية مستوحى من الواقع، حيث يفرض حزب البعث قوانين صـ.ـارمة بوضع صور حافظ وبشار الأسد في جميع القاعات التدريسية.

ضمن هذه القاعة، يستعرض عنتابلي صورة فاقـ.ـعة عن القـ.ـمع والتـ.ـرويض السياسي الذي يمـ.ـارسه النظام بحق الشعب.

ففي اللقطة الافتتاحية للفيلم، يسلّط عنتابلي الضوء على جزء من مناهج المدارس السورية، التي ترغم الطلاب على حفظ أقوال الرئيس الأسد بمناهجها، وكأن كلامه مقـ.ـدّس.

كما يستعرض الآلية التي يتعامل بها النظام مع الشعب، من خلال العلاقة ما بين الأستاذ والتلاميذ، القائمة على العـ.ـنف اللفـ.ـظي والجـ.ـسدي، حين يقوم المدرس بشـ.ـتم طفل أصدر صوتاً ويشـ.ـرع لضـ.ـربه، قبل أن يقطع الفعل دخول تلميذ جديد.

التلميذ الجديد هو لاجئ سوري، عاد وعائلته من السويد، يدخل إلى الصف فجأة ليسرد كل ما يتعلق بالكليشيهات المتعلقة بمكانة الوطن والانتماء، التي يرددها الإعلام السوري، من دون أن يكون لهذه الجمل مبرر درامي واضح، سوى أن عنتابلي يريد أن يحمّل الفيلم رسالة، يحذر بها اللاجئين من العودة من خلال ما يحدث في الجزء الأخير من الفيلم.

حيث إن الطلاب يستثمرون الفاصل القصير بين الحصص الدراسية، الذي لا يتجاوز خمس دقائق للعب كرة القدم، وخلال لعبهم يقومون بتحطيم صورة بشار الأسد، ليخضع بعدها الأطفال للتعـ.ـنيف جسدي من قبل أساتذتهم عقاباً لهم على ما اقـ.ـترفوه.

وأثناء هذه العـ.ـقوبة نسمع أفكار الطفل اللاجئ، وهو يراجع حواره الذي برر به سبب عودته إلى سورية كونها وطنه الذي يحظى به بالكرامة، ليبدو أن كل هذه الكليشيهات لا يمكن أن نلمسها على أرض الواقع.

ينتهي الفيلم بصورة رمزية، هي الأفضل في الفيلم، عندما يقوم الطلاب بإصلاح صورة بشار الأسد المحطمة وإعادة تعليقها على الحائط وتبجيلها، رغم أن الصورة تبقى مشـ.ـوهة في وسط الحائط.

ليبدو واضحاً أن عنتابلي يرمز من خلال هذه الصورة إلى المفارقة التي يعيشها الشعب السوري اليوم، الذي بات مرغـ.ـماً على تبجيل الأسد وتقديـ.ـسه رغم انهـ.ـيار صورته وتصاغر شأنه، حتى أمام حلفائه الدوليين الذين أعانوه في حربه ضد شعبه.

لمشاهدة الفيديو اضغط هنا

ويمكن الاستدلال على القيم التي ينشرها النظام في المدارس بالنظر إلى تصريحات ياسر الشوفي، عضو القيادة المركزية لحز ب البعث العربي الاشتراكي ورئيس مكتب التربية والطلائع المركزي، مطلع الأسبوع.

حيث قال: “راية الطلائع ستبقى راية الطفولة في سوريا” و”راية الوطن ستبقى بأمان من خلال انتماء وهوية أطفال طلائع البعث”، مشيراً إلى قول بشار الأسد: “لا بعث بدون سوريا ولا سوريا بدون بعث”.

يعيد ذلك إلى الأذهان مسرحية إلغاء المادة الثامنة من الدستور السوري، العام 2011، والتي كانت تنص على أن حز ب البعث هو الحز ب الحاكم للدولة والمجتمع، من دون أن يؤدي ذلك إلى تغيير فعلي على أرض الواقع، حيث بقيت الممارسات الحزبية مستمرة، وتحديداً في تجـ.ـنيد الأطفال السوريين في المدارس وتنسيبهم قسـ.ـرياً إلى صفوف الحز ب.

وليس فقط إلى منظماته الرديفة (طلائع البعث، شبيبة الثورة)، لكن تلك الممارسات طوال السنوات العشر الماضية تراجعت في سلم أولويات التغطية الرسمية، وعادت اليوم إلى صدارة المشهد الإعلامي.

ويمكن القول أن “القيادة الحكيمة” تخلت عن محاولتها خلق انطباع بوجود تغيير في البلاد، وعادت إلى طرح الشعارات وإجـ.ـبار الناس على ترديدها، مصدقة أن ذلك الترديد الببغائي يكفي لتتحول الكلمات الفارغة من المعنى إلى أيديولوجيا وأسلوب حياة يؤمن به كافة الأفراد عن قناعة.

رغم أن السوريين أثبتوا بثـ.ـورتهم العام 2011 حمـ.ـاقة تلك المعادلة إلى حد كبير.

ويبدو النظام هنا وكأنه يحاول تفادي “الأخـ.ـطاء” التي ارتكـ.ـبها بعد وصول بشار الأسد إلى السلطة والتي أدت وفق المنطق السلطوي إلى الثـ.ـورة لاحقاً، أي إعطائه بعض الحريات المدنية مقارنة بحقبة حكم والده الحديدية السابقة، ويتمثل ذلك بالتخفيف من النظام العسـ.ـكري في المدارس والتقليل من الاهتمام بالجانب الحز بي بعد العام 2000.

لكن هذه الغطـ.ـرسة في التعامل مع الأفراد تعني أن النظام لم يتعلم شيئاً من تجربته المريرة خلال السنوات العشر الماضية عندما كادت الثـ.ـورة الشعبية تطيح به من جذوره قبل تدل روسيا وإيران إلى جانبه واستخدام القـ.ـوة المفـ.ـرطة وسياسة الأرض المحـ.ـروقة، ويحول ذلك البلاد إلى مكان ينتظر الانفـ.ـجار التالي، بعد أشهر أو سنوات أو عقود، لا أكثر.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى